بعد الموت
ان اكثر ما يخيفني في تلك الحياة الزائلة ليس الموت .. بل في الحقيقة مابعد الموت .. لحظة زوال الغطاء عن البصر.. فيصبح حديدا .. ورؤية كل افعالي الدنيويه من منظور آلهي مختلف...هل ساكون ممن ذكرهم الهي الحكيم في تلك الآية الكريمة: " قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " ... ام ساكون محسن الصنع حقاا؟؟ ...
هل أنا الوحيد الذي اخاف من تلك الآية أم يخاف الكثير؟؟ .. فالجميع يتحدث وكأنه على الحق المبين ... وكأنه ما ينطق عن الهوى... متشبثين بارائهم لابعد الحدود .. مستشهدين بغرور خبراتهم الحياتيه او دراستهم العلمية او عباداتهم الدينية ..
ماهو الهوى ؟؟ .. الذي نفاه خالقنا البديع عن الاتصال بلسان رسولنا الكريم ... وماهو وهم الاستقامه الذي ذكره فى الآية ؟؟ .. وبما أننا جميع ننطق عن الهوي ؟؟ فهل أنا معرض لذلك الوهم ؟؟...
يقول د. روبرت انتوني في كتابه العبقري لفهم الذات "beyond positive thinking" والمترجم للعربية " ماوراء التفكير الايجابي" عن وصفه لطريقه تفكير الانسان وكيفية عمل العقل البشري ان: " وظيفة العقل الباطن هي اثبات ان العقل الواعي يكون على صواب دائما" ..
فالعقل الباطن هنا هو مجموعة العادات و الخبرات والمشاعر التى تكون الافكار والمفاهيم والتى ترسخت ونمت داخل الانسان منذ ولادته لتصبح قواعد اساسيه يعيش بها طوال حياته ..
اما العقل الواعي هو ذلك العقل الذي يؤدي التحاليل والحساب والتفاعل مع اى حدث مضارع بعد ربطه بالمفاهيم المختزنه مسبقا بالعقل الباطن ...
فمثلا اذا احب الانسان شخصا جعله ملاك الله فى السماء و اذا كره أخرا جعله إبليس الله فى الارض وقد يكون نفس الشخص ولكن بإختلاف المواقف ...
وذلك ببساطه لان العقل الباطن يرشح لنا من الذكريات والمشاعر والافكار ماهو متوافق تماما مع الحدث ... لان وظيفته ان يثبت للشخص انه على صواب دائما ... وليس حقيقة الحدث ...
دائما ما استغرب من هؤلاء مدعي الثقه بانفسهم .. الذين يضيعون اوقاتهم بابداء الاراء و التفسيرات للاحداث العامة والخاصة ... وكأنهم يجلسون فوق كرسي العرش يصدرون الاحكام والقرارات والفتاوي ويحاسبون البشر اجمعين من مشارقها لمغاربها ... حسب اهواءهم ...
كانه هو الوحيد المؤمن بالخالق و الخبير بمجريات الامور والفاهم لاحوال البلاد و العباد ..