المشاعر ونظرية التطور
منذ فترة صغيره ... احس صديقي هذا بشعور مؤلم يهز كيانه وكاد ان
يقصف به فحاولت تهدئته بجميع الكلمات .. ولكنه قال انه يحبها حبا جما ...
فلماذا تتركه وحيدا .. ومن وقتها عكفت على فهم أصل المشاعر والعواطف ... ولماذا
تتملكنا كل تلك التغيرات الفسيولوجيه من اجل شيء غير مادي او فيزيائي قد يؤثر
تباعا في خلل وظيفي حاد ولا يمكن التحكم به او التعافي منه بالعلاجات التقليدية
ككل المشاكل الجسدية ...
يقول كارل يونج مؤسس علم النفس التحليلي : أن الفرد
الذي يتعرض لصدمة .. قد يفقد توازنه لفترة ما ، ثم قد يستجيب لها بنوعين من
الأستجابة:الأولي : النكوص إلى الماضي لإستعادته
والتمسك به تعويضا عن واقعه المر ، فيصبح إنطوائيا (إستجابة سلبية). والثانية :
تقبل هذه الصدمه والإعتراف بها ثم محاولة التغلب عليها ، فيكون فى هذه الحالة
انبساطيا (إستجابة إيجابية) ... فالاستجابة هنا يقصد بها المشاعر او العواطف
الاساسيه وهي الفرح والحزن والغضب والخوف والدهشة
والاشمئزاز ...
اختلفت مدارس العلماء فى اصدار تعريف محدد للمشاعر فمنهم من
عرفها بأنها رد فعل طبيعي للانسان نتيجة الحكم النهائي لتفكيرنا الداخلي على شيء
ما، أو انها رد تلقائي محدد مسبقا داخل جيناتنا الوراثية ..
فمثلا عندما يمر الشخص بحيوان نافق و ذو رائحة كريهة للغاية ..
فأنه يشعر بالاشمئزاز والقيء .. ويكون هذا الشعور إما ناتجا عن حكمنا الداخلي على
مصدر الرائحه وشكلها الدقيق ومدي قبحها، أويكون ناتجا عن تغير فسيولوجي داخلي مثل
الغثيان او ارتفاع درجه الحراره بعد شم هذه الرائحه..
ولكن وجد العلماء أن بعض المشاعر (الغير أساسيه) ليس لها تفسير فسيولوجي داخلي مثل مشاعر الفخر
والخجل والعار و الذنب .... والتي تصاحب بشكل أساسي مباديء الوعي الداخلي للفرد...
مما يتفق مع مدرسة أن المشاعر هي نتيجة الحكم النهائي لتفكيرنا الداخلي المتراكم من الخبرات والبيئة المحيطه ... وزلك لان تلك المشاعر تأتي فقط
بعد قيام الفرد بتحليل الموقف وصدور حكم نهائي عليه ...
يفرق العلماء دائما بين الحالة المزاجية للفرد والتي تتمثل في
تصرفاته الغير طبيعية خلال فترة وجيزة تصل لاسابيع .... أو صفات الشخصيه العامه
للفرد و التي تمثل في ردود الفعل الطبيعية المتوقعة تجاه المواقف المختلفه طوال
الحياة .... وبين المشاعر التي اتفقو
جميعا على أنها نوع من انواع المحفزات ...
لذلك عندما تشعر بحب أو كره شخص فجأة بدون معرفه دقيقه له فهذا
مجرد رد فعل طبيعي داخلي بمدي توافق او اختلاف هيئته الخارجيه او حديثه مع أفكارك
ومعتقداتك ، ولكن بعد فترة من معرفه دقيقه له إذا استمر نفس الشعور فسيكون هذا هو
حكمك الداخلي النهائي عليه ، أما مدي وجودك داخل كل شعور هو حصيلة ثقافتك وأيمانك
و طريقة تفكيرك التطورية..
لذلك قام باحثين بدراسة تطور المشاعر عند بعض الافراد خلال فترة
من الزمن ، وجدو ان كل شخص يطور مشاعر الحب والكره والغضب الخ داخله حسب الزمن ،
واختلفت كل ردود الفعل لنفس المواقف من المراهقه الى الشباب ثم النضوج لنفس الأشخاص ،
أي انهم طوروا مشاعرهم وحكمهم الداخلي النهائي عن الأشياء نتيجة خبراتهم
الحياتيه.
لذلك مع تقدم الشخص بالعمر، فإن مشاعره
تتطور لتتحول من ردود فعل فسيولوجيه غير محسوبة، إلى استجابات يمكن تكييفها.
أخيرا إن قضية
المشاعر والعواطف تعتبر من أكبر الأبواب بعلم النفس والتي يختلف فيها كل انسان ،
ولكن الاغلبيه يبحثون عن مدي مظلوميتهم و وليست حقيقة الأمر ، فالتفكير والحكم
الداخلى هو من يصحح المشاعر وليس العكس ، أن يترك الانسان نفسه لشعوره الذي قد يقتله او يظلمه ، بدون بعض
التفكير والحكمه وسؤال اهل الخبرة.