عشاق المترو
بالأمس ركبت المترو ذاهبا لمتابعة
الطبيب بمصر الجديدة .. وأنا احمل بين أفكاري هموم الحياة والعمل والمستقبل .. وما أن وصل المترو محطته التاليه حتي دخل ذلك الشاب العشريني الوسيم وهو يمسك بيد فتاة عشرينية فائقة الجمال .. يضغط علي يديها بقوة وتري ذلك ببساطه من خلال تلاحم
أصابعه الشديده على يديها التي شارفت على التفسخ مع ملاحظة التلاصق الرهيب بينهم ..
يملك ذلك الشاب رادار استطلاع شديد الحساسيه يمكنه
من الشعور باقتراب اى ذئب بشري في نطاق ملليمترات معدودة .. ليقوم لا اراديا
بالالتفاف حول محبوبته وإفساح مكان لها بأى ركن بالعربة كي يحميها من أوغاد المترو ومصاصي الدماء .. فمن الوهلة الأولي تتذكر (ليوناردو دي كابريو) يمسك بيد (كيت وينسليت) في فيلم تيتانك لينقذها من السقوط في المياه المتجمدة ...
وما يجعل الموقف فكاهيا أن ركاب المترو جميعا بالنسبة له هم ذئاب محتملين الى ان يثبتو العكس .. وفي الواقع قد تعودت تلك الذئاب على مساعدة العشاق دائما في إفساح الطريق وتوفير ملاذ آمن لهم .. ويكأنهم ينفون التهمة عن أنفسهم .. أما الفتاه فلا تحرك ساكنا الا بضغطة واحده
على يديها وقد تذهب معه من مترو العباسية حتي محطة أسوان.
كنت ذاهبا بمفردي ولحظي السيء كنت أجلس فى هذا الركن البعيد الغير هاديء و المضطرب بالهرمونات .. مما أجبرني الموقف لا إراديا على إخراج هاتفي و تفحص الفيس بوك والا سيعتبرني ذئب محتمل مثل باقي الأوغاد بالمترو (نظرية إعمل نفسك ميت).
وبعدما
هدأت عاصفة الهرمونات وأطمئن لانشغالي بالهاتف وباقي الذئاب والأوغاد بأمورهم، بدأ الشاب بالحديث: "هتوحشيني اوووي .. والله ما بعرف أعيش
من غيرك الأسبوع كله اتصرفي لازم اشوفك تانى قريب" ... بعد سماعي لتلك الجملة
كادت أطراف ابتسامتي أن تلامس اذناي .. ليس ذلك من هول سماع الكلمات ولكن من
خياله الواسع..
في تلك اللحظة تذكرت حبيبتي (؟) بعد الجامعة .. فدائما كلمات مثل "مش هقدر أعيش من غيرك" هى المسيطره على اغلب العلاقات في كل زمان ومكان .. ولكن على أرض الواقع فمازلت أعيش وأتنفس، أما (؟) فلديها ثلاث أطفال حفظهم الله أكبرهم تسع سنوات .. اذا قابلته صدفه الآن قد يناديني بعمو او جدو اذا لزم الأمر.
مرت ثلاث محطات وهمو بالنزول .. وابلغته بصوت
يسمعه "هتعيش متقلقش" بنفس ابتسامة جده.. إندهش الشاب و انغلقت الأبواب ..
وتحرك المترو لينهي تلك القصة.. وللاسف لن يفهم ذلك الشاب أن (ليوناردو) قد مات
متجمدا مثل سمكة تونه في المحيط أو أن (كيت) قد عاشت عمرا مديدا . ولن يفهم أن (؟)
قد إتخذت خيارا عقلانيا صحيحا.. وان مشاعر الهرمونات العشرينية قبل إصطدامها بالواقع
الإجتماعي هي محض أوهام ..
فى الغالب لن يفهم ذلك الا بعد أن يصل لمنتصف الثلاثينات ، وقتها سيجلس مكانى ممسكا بفنجان القهوة ويبتسم لأنه مازال حي يتنفس.